حكم الاحتفال بشم النسيم الشيخ عطية صقر
لا شك أن التمتع بمباهج الحياة من أكل وشرب وتنزه أمر مباح؛ مادام في إطار المشروع، الذي لا ترتكب فيه معصية، ولا تنتهك حرمة، ولا ينبعث من عقيدة فاسدة، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (المائدة:87)، وقال: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) (الأعراف:32).
لكن هل للتزين والتمتع بالطيبات يوم معين أو موسم خاص لا يجوز في غيره؟!
وهل لا يتحقق ذلك إلا بنوع معين من المأكولات والمشروبات، أو بظواهر خاصة؟!
هذا ما نحب أن نلفت الأنظار إليه، إن الإِسلام يريد من المسلم أن يكون في تصرفه على وعي صحيح وبُعد نظر، لا يندفع مع التيار، فيسير حيث يسير، ويميل حيث يميل، بل لابد أن تكون له شخصية مستقلة فاهمة، حريصة على الخير، بعيدة عن الشر والانزلاق إليه، وعن التقليد الأعمى، لا ينبغي أن يكون كما قال الحديث إمَّعة، يقول: إن أحسن الناس؛ أحسنتُ، وإن أساءوا؛ أسأتُ، ولكن يجب أن يوطـِّن نفسه على أن يحسن؛ إن أحسنوا، وألا يسيء؛ إن أساءوا.
وذلك حفاظـًا على كرامته واستقلال شخصيته، غير مبالٍ بما يوجه إليه من نقد أو استهزاء، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهانا عن التقليد الذي من هذا النوع فقال: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ) (متفق عليه).
فلماذا نحرص على "شم النسيم" في هذا اليوم بعينه والنسيم موجود في كل يوم؟! إنه لا يعدو أن يكون يوماً عاديًّا من أيام الله؛ حكمه كحكم سائرها، بل إن فيه شائبة تحمل على اليقظة والتبصر والحذر، وهى: ارتباطه بعقائد لا يقرها الدين، حيث كان الزعم أن "المسيح" قام من قبره، وشم نسيم الحياة بعد الموت.
ولماذا نحرص على طعام بعينه في هذا اليوم، وقد رأينا ارتباطه بخرافات أو عقائد غير صحيحة، مع أن الحلال كثير وهو موجود في كل وقت، وقد يكون في هذا اليوم أردأ منه في غيره أو أغلى ثمنـًا؟!
إن هذا الحرص يبرر لنا أن ننصح بعدم المشاركة في الاحتفال به، مع مراعاة أن المجاملة على حساب الدين، والخلق والكرامة ممنوعة، لا يقرها دين، ولا عقل سليم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ؛ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ؛ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
حكم الاحتفال بشم النسيم الشيخ عطية صقر
تعليقات